16‏/08‏/2010

اليوم الحرِج

نقلت صحيفة "الراي"الكويتية عن أوساط على صلة بما جرى في "اليوم الحرِج" في العديسة انه في الوقت الذي كانت خطوط الهواتف الحمر تُفتح ودفعة واحدة بين عواصم القرار 1701 كانت الجبهة الممتدة على طول "الخط الازرق" تنذر بالانزلاق سريعاً نحو حرب لا حدود لها. وروت مصادر قريبة من حزب الله لـ"الراي" ان عناصر من فرع معلومات المقاومة شاهدت، بادئ ذي بدء، عبر الاستطلاع المدني التقدم الاسرائيلي وشرارة المواجهة الاولى، فسارعت الى إبلاغ القيادة بالتفاصيل.

واشارت المصادر الى انه بعد سقوط شهيدين من الجيش اللبناني عبر لجوء الاسرائيليين الى "الميركافا" والمروحيات، ولَّد استنتاجا بأنهم يستخدمون اقصى ما عندهم. وفي ضوء ذلك، جرى تقويم سريع للموقف ولإمكان التدخل او عدمه ازاء التطور المحدود، والذي يمكن ان يتحوّل حرباً لأي شبهة تكتيكية او خطأ او حادثة، نتيجة الجهوزية الدائمة للأطراف المتقابلة من جهة، ولأن "حزب الله" اصبح "حساساً جدا" وغير متردّد في الدخول في الحرب حتى لأصغر الاسباب الموجبة من جهة اخرى، نظراً للضغط الذي ولّده القرار الظني غير المعلن بعد للمحكمة الدولية في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري. وبحسب غرفة عمليات المقاومة، فقد لوحظ ان الاندفاعة الاسرائيلية باللجوء الى "الميركافا" والمروحيات، ولّدت لدى "حزب الله" اقتناعاً اولياً بان الاسرائيليين قوّموا سريعاً ردة فعل الجيش اللبناني، واستطاعوا الاستفادة من عملية الاستطلاع بالقوة لمعرفة اذا كان لدى الجيش اللبناني الاوامر والقدرة والمعنويات لاطلاق النار بهدف الاصابة والالتحام مع الجيش الاسرائيلي، رغم ادراكه لعدم التكافؤ على المستويات التقنية والعسكرية مع الجيش الاسرائيلي.

وثمة خلاصات في هذا السياق منها انه في حال وقوع مواجهة مقبلة، من المرجح ان تكون وتيرة الاحتكاك الحدودي أقوى وأعنف بهدف تحطيم ارادة الجيش اللبناني وجعله يقتنع بان ما ينتظره سيكون مدمراً وباهظ الثمن. وكشفت المصادر القريبة من "حزب الله" لـ"الراي" عن ان الأوامر اعطيت مع بدء المواجهة لرفع مستوى الجهوزية في صفوف المقاومة، فاستُنفرت وحدات الدفاع الجوي المنخفض وصواريخها المؤهلة لتدمير المروحيات "الاباتشي" التي كان جرى اخراجها من المعركة في حرب 2006 بفعل صواريخ "ايغلا SA-18" وهي من الجيل الثالث الذي يعمل بنظام تبريد الباحث (رأس الصاروخ) لتفادي البالونات الحرارية، ويتمتع بالاشعة تحت الحمراء وقدرته قريبة جداً من صاروخ "ستينغر"، لافتة الى ان هذا النوع من الصواريخ الروسية اصبح متوافراً كـ"طلقات السلاح الفردي" لدى كل جماعة صغيرة من الحزب، والتي تكون عادة على جهوزية عالية في كل قرية، وموضحة ان صواريخ "ايغلا" المحمولة على الكتف هي من اخطر الصواريخ القصيرة المدى واكثرها فاعلية في تحقيق اصابات بالطيران المروحي. وتحدثت المصادر عن ان "حزب الله" الذي مارس انضباطاً شديد الوطأة، كان على اهبة الاستعداد للمشاركة في المعركة في "شكل محدود" ومفتوح على امكان التدرج في الاجراءات، من اجراءات محدودة في منطقة محدودة، الى الاشتراك في مسرح العمليات، مما يعني تالياً حالة حرب على كامل الحدود، وهو الامر الذي دفع القيادة الى اعطاء الاوامر لوحدات الصواريخ المضادة للمدرعات للتأهب استعداداً للتدخل عبر المؤازرة النارية الفعالة في مواجهة الاسرائيليين، تبعاً لما تقرره قيادة الجيش اللبناني.

وأشارت المصادر عينها الى اجراءات مماثلة شملت قوات المشاة الخاصة في "حزب الله" التي وُضعت في حال تأهب، في الوقت الذي اعطيت الاوامر لتشغيل "النسفيات"، التي تقارب الواحدة منها الـ500 كيلوغرام، وتُستعمل لتدمير الجرافات والدبابات. ومن المنتظر اختبار قدرتها الهائلة في اي حرب مقبلة. ولفتت المصادر الى ان اجراءات التأهب عُممت على جميع الوحدات الجهادية، وأُدخلت بعد انذار أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله (في اعقاب المواجهة الاخيرة) كـ"بروتوكول يعمل به" من المقاومة عند أي احتكاك مستقبلي مع الاسرائيليين، مشيرة الى ان المقاومة وضعت اجراءات متدحرجة لمجابهة اي نيات لاسرائيل بتوسيع رقعة الاشتباك الى مستوى اعلى واشمل، كاشفة عن ان قيادة المقاومة قررت اعتماد مبدأ التوازي في اي معركة محتملة، فأي عمق جغرافي تطوله اسرائيل يقابله عمق جغرافي مماثل يطوله "حزب الله". وخلصت الى ان الجيش والمقاومة استخلصا درساً واحداً من المواجهة الحدودية يؤشر الى اهمية التنسيق الميداني بينهما ووضع خطة حرب واحدة مستقبلية تتوزع فيها المسؤوليات تبعاً لمتطلبات المعركة وأرضها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.