03‏/04‏/2011

فشل خطة استهداف سورية بإستراتيجية أميركية

ترتبط خطة استهداف سورية بإستراتيجية أميركية جديدة للتكيف مع التحولات العربية واستثمارها وحيث يبدو واضحا أن الإمبراطورية الأميركية قد اعتمدت خطة إضعاف سورية واستنزافها وإغراقها في الفوضى إذا أمكن ذلك تحت عنوان دعم المطالبة بالإصلاح، لأسباب تتصل بالمصالح الأميركية الإسرائيلية في المنطقة.
مني الأميركيون بخسارة كبيرة وبخيبة أكبر عندما فرض حجم التجاوب الجماهيري في مصر مع الدعوة إلى التحركات الشعبية، تنحية الرئيس المصري حسني مبارك ونائبه عمر سليمان الذي كان يأمل الأميركيون تعيينه خليفة لرئيسه بحيث يضمن  سليمان استمرارية بنية النظام المصري والتزاماته تجاه الولايات المتحدة وإسرائيل.
لأن التحولات في مصر كسرت ذلك السقف السياسي، وعلى الرغم من احتفاظ الأميركيين بنفوذ كبير على القيادات العسكرية وخصوصا رئيس الأركان الجنرال سامي عنان، فقد استنتج الخبراء وصانعوا السياسيات في واشنطن من دينامية التحولات المصرية أن خطرا جديا يهدد مصالحهم وهو ينذر بالتحول خطرا وجوديا على إسرائيل في حال اتجهت الحالة المصرية إلى تكوين واقع سياسي في السلطة يتبنى خيار التقارب مع سورية والابتعاد عن موجبات كامب ديفيد خصوصا بالنسبة لمحاصرة قطاع غزة ومكافحة حركات المقاومة في لبنان وفلسطين.
الرد الأميركي اتخذ محورين:
محور تثبيت النظام السعودي وحمايته من خطر التمرد الشعبي بوصفه البقية الباقية مما سمي محور الاعتدال وهذا ما يفسر التغطية الأميركية القوية لاجتياح البحرين التي عجز نظامها عن إخضاع الثورة الشعبية وكان على حافة التسليم بمطلب المعارضة المتمثل بقيام ملكية دستورية وبصورة كان يصعب معها الحؤول دون انتشار التمرد في بلاد الحجاز ونجد للمطالبة بتغيير مماثل.
بعد تثبيت الواقع السعودي إزاء أزمتي البحرين واليمن استدار الأميركيون نحو سورية لأن ضرب النموذج السوري هو السبيل إلى ضبط التحول المصري ورسم سقف له يجعل أي سلطة جديدة في مصر مضطرة إلى مراعاة كامب ديفيد ومتفرعاتها، بعد الإخلال بتوازن القوى الجديد الذي أنشأته كتلة المقاومة في المنطقة من خلال إضعاف سورية ودورها داخل منظومة القوة الرادعة سواء عبر النيل من النظام السوري أو استنزافه إلى الدرجة الكافية لحشره في الحضن السعودي الأميركي.
وغني عن البيان أن ضرب المركز السوري لكتلة المقاومة يضعف فاعلية الدور الإيراني في الصراع العربي ـ الإسرائيلي لاعتبارات إستراتيجية وجغرافية كما يؤثر مباشرة على التحولات التركية التي انطلقت من الشراكة مع سورية قبل سنوات وانبثقت بواسطتها نواة منظومة إقليمية بدون إسرائيل خلافا للخطة الأميركية الجاري تنفيذها في المنطقة والتي انطلق الإعداد الاستراتيجي والسياسي لها منذ مؤتمر مدريد ويومها أسقطت سورية مشروع الشرق الأوسط الذي نظر له شمعون بيريز كما أعيد إحياؤه بعد احتلال العراق وتكفلت سورية مع سائر قوى المقاومة بإفشاله في العراق ولبنان وفلسطين وبصمود سورية نفسها خلال السنوات الثماني الماضية.
هذا التوجه الأميركي اتخذ صفة دعم التحرك من أجل الإصلاح في سورية عبر نقل موجة الاحتجاجات وتأمين شبكة إقليمية سعودية ـ لبنانية ـ أردنية لدعم المجموعات المرتبطة بالمشروع الأميركي التي تضم  شخصيات وجهات سورية معارضة في الخارج مضمونة الولاء للنفوذ الأميركي والغربي.
الصراع على سورية كان على الدوام محور الغزوات الاستعمارية للمنطقة والأيمركيون الذين يقودون غزوة مستمرة الفصول بالشراكة مع إسرائيل منذ أكثر من أربعين عاما يعرفون هذه الحقيقة الإستراتيجية، وهذه المرة يخوضون الصراع ضد الرئيس بشار الأسد بشكل سافر من خلال أدوات وقوى مرتبطة بهم، والصراع في جوهره هو بين مشروع الأسد لإقامة الشرق الذي تصنعه الشعوب وترسم خياراته الحرة وبين الشرق الأوسط الخاضع للهيمنة الإسرائيلية، المسألة وما فيها يمكن اختصارها بالصراع بين الأسد واوباما على مصر وخيارها المستقبلي إزاء القضية الفلسطينية والعدو الصهيوني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.