04‏/12‏/2010

الركون الي الظالم ومسالمته أم نصرة الحق والدين !؟

كتب / معتز منصور
لسنا بصدد المقارنة فيما بينهما فان هكذا مقارنة غير منصفة للطرفين وكل لبيب بالاشارة يفهم ولكننا بصدد التطرق الى وقفة حوارية جرت فيما بينهم قبيل خروج الحسين عليه السلام من مكة الى الكوفة وبعيدا عن البحث في متن وسند الرواية وخضوعها للجرح والتعديل فانها طالما ذكرت في كتب إخواننا أهل المذاهب الأربعة فاننا نستشهد بها عليهم
فتقول الرواية التأريخية: «وأقام الحسين(عليه السلام) بمكّة فأقبل عليه عبد الله بن عبّاس وعبد الله بن عمر بن الخطّاب وقد عزما على أن ينصرفا الى المدينة...فقال له ابن عمر: أبا عبد الله، رحمك الله إتّق الله الذي إليه معادك! ...الى ان يقول فإني قد سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) وهو يقول: «حسين مقتول، ولئن قتلوه وخذلوه ولن ينصروه ليخذلهم الله الى يوم القيامة»، وأنا أشير عليك أن تدخل في صلح ما دخل فيه الناس، واصبر كما صبرت لمعاوية من قبل، فلعلّ الله أن يحكم بينك وبين القوم الظالمين!فقال الحسين : أبا عبدالرحمن! أنا أُبايع يزيد وأدخل في صلحه وقد قال النبيّ(صلى الله عليه وآله) فيه وفي أبيه ما قال!؟وبعد ان راى عزم الحسين على الخروج يقول ابن عمر : وإن أحببت أن لا تبايع فأنت متروك حتى ترى برأيك، فإنّ يزيد بن معاوية عسى أن لا يعيش إلاّ قليلاً فيكفيك اللّه أمره!....انتهى
لاحظوا اول عبارة يقولها ابن عمر للحسين عليه السلام {ابا عبد الله اتق الله} اذن خروج الحسين هو خارج تقوى الله !!!
ومن ثم يقول إبن عمر وباقراره انه سمع رسول الله صل الله عليه وعلي آله وسلم يقول: الحسين مقتول ويجب نصرته وعدم خذلانه , فانه لو كان لديه ايمان يقيني بحديث رسول الله لما نهى الحسين سلام الله عليه عن الخروج إبتداءا ولخرج معه انتهاءا حتى ينال الاخرة الا انه يقر بماهية الحسين وحديث الرسول وينصح الحسين ان يتقي الله وكأن حديث رسول الله(ص) ليس في تقوى الله عز وجل !! ومن ثم يقول له اصبر عليه كما صبرت على معاوية وكانه لايعلم ان السكوت على معاوية من جانب أهل البيت عامة ومن الإمام الحسين سلام الله عليه خاصة كان بسبب الصلح الذي أجراه الحسن عليه السلام وان بنود هذا الصلح قد انتهي مفعولها ومن ثم كأنها لم تكن مع استخلاف يزيد على رقاب المسلمين فبالرغم من من إستشهاد الإمام الحسن (ع) الا ان آل البيت جميعا ورثوا التزامهم بهذا الصلح طوال حياة طرفه الأخر وهو معاوية بن ابا سفيان !!ويعود عبدالله بن عمر ليقول : لعل الله يحكم بينكم وبين القوم الظالمين. اذا هم ظالمون !! فلماذا بايعتهم وصليت ورائهم ؟!!!والموقف المتخاذل الآخر وهو قوله له ان احببت ان لا تبايع فأنت متروك حتى ترى برأيك، فإنّ يزيد بن معاوية عسى أن لا يعيش إلاّ قليلاً فيكفيك اللّه أمره ، وكأنه ضمن ان يزيد لا يتعرض للحسين عليه السلام ان لم يبايع ومن ثم منذ متى يقعد الحسين عن الظلم ويرى شريعة الاسلام يعبث بها من قبل يزيد ؟
والتمني المتخاذل الذي يمني به ابن عمر ابن علي عليه السلام وهو عسى ولعل ان يزيد يموت وهذا التمني هو الذي قاد شعوب وامم الى التخاذل والإستكانة الى الظالم وقعودهم عن مجابهة الظلمة وهم يمنون انفسهم بحكم الله عز وجل !!؟
وان كان هذا بحد ذاته احد درجات الايمان وهو الإيمان بالقلب ولكن هذا يجب ان يرافقه عمل وليس الأمنيات والدعاء فقط . ومن المضحك ما ورد في الإستيعاب قول ابن عبدالبرّ في ابن عمر: «وكان رضى الله عنه لورعه قد أُشكلت عليه حروب عليّ رضى الله عنه وقعد عنه!» (الاستيعاب 3:81) فإنّ ابن عمر الورع التقيّ هذا كان قد رفض أن يعطي أمير المؤمنين عليّاً(عليه السلام) حتى كفيلاً على شرطهِ ومدّعاه، إذ لمّا «أمر أمير المؤمنين بإحضار عبدالله بن عمر لأخذ البيعة منه طوعا
فقال له: بايع. قال: لا أبايع حتى يبايع جميع الناس!!
فقال له(عليه السلام): فاعطني حميلاً حتى تبرح! قال: ولا أعطيك حميلاً! فقال الأشتر: يا أمير المؤمنين، أَمِنَ هذا سوطك وسيفك فدعني أضرب عنقه! فقال: لست أريد ذلك منه على كره، خلّو سبيله. فلمّا انصرف قال أمير المؤمنين: لقد كان صغيراً وهو سيىء الخلق، وهو في كبره أسوأ خلقاً!» (شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد: 4:9)،ولمّا بايع الناس عليّاً، وتخلّف عبدالله بن عمر، وكلّمه في البيعة، أتاه في اليوم الثاني فقال: إنّي لك ناصح! إنّ بيعتك لم يرضَ بها كلُّهم، فلو نظرت لدينك ورددت الامر شورى بين المسلمين! فقال عليّ: ويحك! وهل كان عن طلب مني!؟ ألم يبلغك صنيعهم!؟ قم عنّي يا أحمق! ما أنت وهذا الكلام!؟» (شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 4:10). ويُروى أنّ ابن عمر أظهر في أواخر عمره ندمه على عدم نصرته لأمير المؤمنين عليّ(عليه السلام) في حروبه!! فكان يقول: ما أجدني آسى على شيء فاتني من الدنيا إلاّ أنّي لم أُقاتل مع عليٍّ الفئة الباغية!! وفي لفظ آخر: ما آسى على شيء إلاّ تركي قتال الفئة الباغية مع عليّ رضي الله عنه!! (راجع: الطبقات الكبرى: 4:187 والاستيعاب: 3:83 وأُسد الغابة: 3:342 والرياض النضرة: 3:201).
والسؤال الوجيه الذي نعد بفتح مجال كبير لبحثه وهو مما لا أعده تدخلا في أقدار غيبية بل اري دراستة أثر مواقف بعض المشاهير كعبدالله إبن عمر التاريخية في إنشاء مواقف شرعية عليها باعتبارها مواقف فقهية نشأ عنها شرع مستقل لدي القوم مبتناه هذا الموقف المندوم عليه . فقد رأي البعض ان اعتزال مقاومة الحاكم الظالم موقف شرعي موافق لصحيح الدين ومأمور به مستندين في ذلك لموقف عبدالله ابن عمر التاريخي والذي أعتقد انه لو كان شرعيا فقهيا بالمعني الواضح لما تغير انطباعه هو عن تصرفه قبل وفاته من الشعور بالندم
وهل ينفع الندم؟؟!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.