09‏/12‏/2010

تسييس المحكمة تحت قبة البرلمان: محاولة لاستعادة السيادة رعد وجريصاتي يفندان الثغرات القانونية في عمل المحكمة الدولية: حكومة فاقدة للشرعية هرّبتها بتجاوز الدستور .. وحان أوان استردادها



رعد مستمعاً الى اسئلة الصحافيين (علي علوش)



ايلي الفرزلي

في توقيت اختير بعناية، عقد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد مؤتمره الصحافي، المعد لإثبات تسييس المحكمة الدولية. مؤتمر، حبك بأنامل خياط ماهر، يعمل على تحضير ثوب على مقاس المحكمة، المثقل بالتسييس. ككرة الثلج يرمي حزب الله اعتراضاته على المحكمة، التي لم تعد موضع إجماع لبناني منذ زمن.
ما يتضح من سياق التعامل مع «المحكمة» حتى اليوم، يظهر حرصاً استثنائياً من قبل «حزب الله»على طرح ملاحظاته وهواجسه بمواد مشبعة بالعلم والقانون، بعيدة كل البعد عن لغة الشارع.
قذف كرة الثلج في البداية السيد حسن نصر الله، حين عقد مؤتمراً صحافياً قدم فيه قرائن لاتهام إسرائيل بالضلوع باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، كان من الصعب تجاوزها من محكمة تسعى إلى العدالة. حزب الله كان يعرف أن من قرر اعتماد المحكمة سلاحاً في وجه الحزب، لن يسلم سلاحه بسهولة. كبرت الكرة عند مفترق الاحتلال الإسرائيلي لشبكة الاتصالات، أظهرت الحقائق الدامغة التي قدمت في المؤتمر الصحافي الذي عقده الوزير شربل نحاس ورئيس لجنة الاتصالات النيابية النائب حسن فضل الله ورئيس الهيئة الناظمة للاتصالات بالانابة عماد حب الله، أن قرينة الاتصالات الظرفية التي تؤكد التسريبات أن مدعي عام المحكمة دانيال بيلمار يعتمدها لا قيمة لها على المستوى التقني، فيما القرائن التي قدمها نصر الله أثبتت صدقها، باعتراف إسرائيلي.
أمس وصلت كرة ثلج فضح التسييس إلى منعطف التركيز على الحجة الدستورية والقانونية، كجزء من المساهمة في إكمال خطة تعرية المحكمة وإظهار الأهداف الحقيقية من ورائها. فكان للمؤتمر، من حيث الشكل والمضمون، دلالات كبيرة، تزيد من صعوبة موقف المدافعين عن «العدالة الدولية».
فقد أضفت قبة البرلمان على المؤتمر طابعاً رسمياً ومؤسساتياً، لم يعد بالإمكان تجاوزه، بعكس ما حصل عند طلب الحكومة حينها إقرار نظام المحكمة خلافاً للمادة 52 من الدستور. كما أن الطابع القانوني الصرف للمادة المقدمة خلال المؤتمر والتي تمت بالتعاون مع عدد من القضاة، كما أعلن رعد، أضفت دعماً معنوياً على مواقف المعارضة من الملف، لا سيما أن ما قُدم تميز بالرصانة المعروفة عن العمل القضائي. وقد لعب عضو المجلس الدستوري السابق سليم جريصاتي، الذي شارك رعد في عرض المادة القانونية، دوراً رئيسياً، في تقديم الحجة والبرهان على تسييس المحكمة، بالاستناد إلى مواد قانونية صرفة، مستمدة إما من القوانين اللبنانية أو نظام المحكمة الدولية نفسها... كما من خلال خبرة جريصاتي الذي شغل منصب المستشار الدستوري في رئاسة الجمهورية في عهد الرئيس اميل لحود وكان «شاهدا» على عملية التهريب غير الدستورية للمحكمة من الوعاء الدستوري اللبناني الى حسابات «الدول» السياسية.
بدا رعد وجريصاتي كمن يؤدي استعراضاً كلامياً متقناً وسلساً، تناوبا فيه على الكلام كفريق رياضي، أو كمقدمَي نشرة أخبار واحدة خبرا توزيع الكلام بينهما.
ربما لم يقل المؤتمِران أمراً جديداً للدلالة على تسييس المحكمة ولكن جمع كل هذه المواد لتقديمها في عرض موحد وواضح كان له وقع لا يمكن التغاضي عنه. شرّحا المحكمة، على مذبح القانون، بشكل يخجل منه كل من ينزهها عن التسييس، فإذ بهما يرسمان خريطة طريق للتسوية الموعودة، تؤكد أن مفتاح الحل لا بد أن ينطلق من المؤسستين اللتين تم تخطيهما عندما «هُرّبت المحكمة»، أي رئاسة الجمهورية والمجلس النيابي. وقد كانت مناشدة جريصاتي لرئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان لأخذ زمام المبادرة لإعادة رد الاعتبار للسيادة اللبنانية بعدما خرقت بقرار المحكمة.
قدما بالجملة ما كشف النقاب عنه بالمفرق، فكان لسان حال معظم من في القاعة من نواب وإعلاميين: «نعم المحكمة مسيسة». هذه النعم قالها رعد وجريصاتي بالفم الملآن، ليسمع كل من يهمه الأمر، من مواطنين ومسؤولين في الداخل والخارج. في مؤتمرهما لم يكتفيا بإسماع الصوت، بل ضربا بكفيهما على حائط الأمم المتحدة، علّ من في داخلها يسمع ماذا اقترفت يداه في لبنان. حتى أن جريصاتي توجه بالكلام المباشر إلى رئيس المحكمة الدولية انطونيو كاسيزي بالفرنسية، مذكراًً إياه ببعض من آرائه المكتوبة حول المحاكم الدولية «الشديدة التبعية السياسية».
تضمنت الدراسة القانونية سبعة عناوين رئيسية، إضافة إلى تقارير متلفزة عدة، عرضت لمسار عمل المحكمة منذ إنشائها حتى اليوم الذي وصل إلى نتيجة نهائية، لخصها النائب محمد رعد بالتالي: المحكمة مسيّسة وغير دستورية ولا تلتزم بأعلى معايير العدالة وهي تجاوزت الدستور اللبناني وصاغت قرار إنشائها مصالح دولية تخطت إرادة ومصالح اللبنانيين ومؤسساتهم والشرعية القائمة، وتنصّلت حتى من صلاحيتها في ملاحقة شهود الزور وانتهكت تحقيقاتها مبدأ السرية، كما أُنيط بها تغيير قواعد الإجراءات والإثبات بشكل مريب واستنسابي، وتجاوزت حدود اختصاصها في طلب قواعد البيانات وتحديثها مما كشف شعباً بكامله على جهات استخبارية ودولية شتى.
وكشف رعد عن مجموعة هواجس واستفسارات قدمت إلى مندوبي المحكمة الدولية في 30 آذار 2010، لم تلق أي إجابة حتى الآن، مشيراً إلى أن الحزب أكد فيه حينه أن ملاحقة شهود الزور هي المدخل الوحيد لإعادة الاعتبار الى صدقية التحقيق وإعادة بناء الثقة به، ولكن دون جدوى، لا بل زاد الطين بلّة التنظير لأدلة ظرفية غير مباشرة والتلميح بدليل الاتصالات الهاتفية المتزامنة كإحدى ركائز التحقيق.
بدأ المؤتمر الصحافي بمقدمة عامة تلاها النائب محمد رعد، قال فيها: إن المتتبع لمسار الأزمة السياسية في لبنان، منذ صدور القرار الدولي رقم 1559 وما أحدثه من تصدع في الأوضاع العامة للبلاد ومن تدهور للاستقرار على المستوى السياسي والأمني، يلحظ بوضوح أن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي أُنشئت بموجب القرار الدولي رقم 1757 الصادر تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة بتاريخ 30 أيار 2007 قد فاقمت حالة التدهور الداخلي والانقسام بين اللبنانيين وشرّعت البلاد أمام تدخل فاضح للقوى الدولية الغربية وشكلت مدخلاً واسعاً وغطاءً للتسلل الإسرائيلي الى عمق قطاعات حيوية والسيطرة على بعضها سيطرة كاملة كما ثبت على صعيد الاتصالات وقواعد البيانات الرسمية لكثير من الأجهزة والمؤسسات والمرافق العامة اللبنانية. وإذا كانت الحقيقة والعدالة مطلباً إجماعياً لبنانياً فإن الآلية التي اعتمدت لتحقيق ذلك، والظروف والتدخلات الدولية المريبة والأداء والتجاوزات الدستورية والقانونية التي أحاطت بها منذ تشكيلها الى وقتنا الحاضر حوّلت المحكمة الخاصة الى أداة وظيفية لتمرير مشاريع دولية على حساب مصلحة لبنان وأمنه وسيادته والى عامل تهديد فعلي للاستقرار فيه.
وأوضح رعد أن «هدف المؤتمر هو تسليط الضوء على الجانب القانوني حصراً من عمل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وما يعتري هذا الجانب من التباسات وإشكالات في بنيته ومنهجية وقواعد العمل المعتمدة فيه، والتي من شأنها أن تُقوّض الثقة بإمكانية الوصول الى كشف الحقيقة وتحقيق العدالة».
وأشار إلى أنه «منذ انطلاقة التحقيق الدولي ومن ثم أعمال المحكمة الخاصة، تراكمت لدينا جملة من الملاحظات والهواجس والاستفسارات. اُتيح لنا أن نطرح جزءا منها على مندوبي المحكمة في لقاء مباشر جرى بتاريخ 30 آذار 2010 .. وانتظرنا منهم أجوبة طوال الفترة الماضية ولكن دون جدوى ..، علماً بأننا كنا دائماً نتلقى وعوداً بقرب الرد إلى أن تبين في النهاية أن الأمر لا يعدو كونه مماطلة واضحة وتقطيعاً مقصوداً للوقت.
أضاف رعد: كل هذا دفعنا لإعادة النظر في كل الجوانب القانونية والقضائية لهذه المحكمة، والتي سنعرضها اليوم بشكل علمي وموضوعي لكي تكون مادةً مبسطة ومفهومة، نضعها أمام الرأي العام في لبنان والعالمين العربي والإسلامي.
وقال رعد إن آلية إقرار المحكمة تخطت الدولة اللبنانية ودستورها وهُرّبت من قبل حكومة فاقدة للشرعية من دون أن يتم تصديقها وفقاً للدستور وضمن الأطر الدستورية، ولم يوقّع على اتفاقيتها رئيس الجمهورية كما لم يُصدّقها المجلس النيابي، وتم اختزال ومصادرة صلاحيات رئيس الجمهورية ومجلس النواب معاً من قبل حكومة هي بالأصل فاقدة للشرعية. وقال رعد إن إنشاء المحكمة منذ البداية كان التفافاً واضحاً على القانون اللبناني والدولي وتجاوزاً لسيادة لبنان ومؤسساته الدستورية، ورغم ذلك فقد حصل تشجيع من المجتمع الدولي
لحكومة غير شـــرعية على مــمارسة سلطة الأمر الواقع. كل ذلك بغية تحقــيق أهداف سياسية كبرى تجاوزت معــايير العدالة الدولية. وأشار إلى أن نظام المحكمة أقرته إرادة دولية تجـــاوزت الإرادة الوطنية والمؤسسات الدستورية اللبـــنانية، وجاء استجابة لمصالح الدول الكبرى الراعـــية لمجلس الأمن، بمعزل عــــن إرادة ومصــالح لبنان واللبنانيين، ما يجـــعل المحكمة أداة لخدمة سياســـات الدول صاحبة النفوذ، والتي تعــــمل دائماً لتصـــفية حساباتها مع الأطراف أو القوى أو الدول المعارضة أو المعترضة.
إنشاء المحكمة
وفي السياق نفسه، فصّل جريصاتي الأسباب التي تؤكد أن إنشاء المحكمة الخاصة تجاوز للدستور اللبناني، وقال إن آلية إقرار المحكمة الخاصة بلبنان تجاوزت الدولة اللبنانية والدستور اللبناني كلياً، لا سيما المادة 52 منه التي تولي رئيس الجمهورية صلاحية المفاوضة في عقد الاتفاقات الدولية وذلك ضمن السياق التالي:
÷ مرحلة المبادرة إلى المفاوضة.
÷ إبرام الاتفاقية بالاتفاق مع رئيس الحكومة.
÷ عرضها على مجلس الوزراء لاتخاذ القرار بشأنها (مرحلة الإبرام الإجرائي).
÷ عرضها على مجلس النواب في حال تضمنت شروطاً تتعلق بمالية الدولة أو في حال عدم جواز فسخها سنة فسنة (مرحلة الانبرام التشريعي).
÷ إصدار قانون الاتفاقية ونشره بمرسوم موقّع من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء.
بالنسبة للمحكمة الخاصة بلبنان فقد تم اختزال هذه الآلية من خلال:
÷ تجاوز صلاحيات رئيس الجمهورية في إطلاق المفاوضة في عقد الاتفاقات الدولية، ومن ثم إبرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومــة،
ومن ثم إصدارها ونشرها بمرسوم جمهوري بعد تصديقها من مجــلس النواب.
÷ اختزال صلاحيات مجلس النواب الذي تم تغييبه بالكامل عن هذه الآلية.
÷ اعتماد إقرار المحكمة على قيام حكومة فؤاد السنيورة غير الشرعية آنذاك بإرسال كتب رسمية الى أمين عام الأمم المتحدة يطلب فيها أن يصدر قرار عن مجلس الأمن بنفاذ مشروع الاتفاق مع لبنان ونظام المحكمة من دون موافقة السلطات الدستورية اللبنانية المختصة.
÷ ذكر الرئيس فؤاد السنيورة في رسالته (14 أيار 2007) الى الأمين العام للأمم المتحدة أن الأغلبية البرلمانية أعربت عن تأييدها للمحكمة، وكان المقصود هو عريضة النواب وليس الهيئة العامة لمجلس النواب، وهذا يعتبر تزويراً وتوسلاً لأعلى سلطة دولية لغايات سياسية داخلية أو إقليمية مشبوهة، وأشار القرار 1757 في بناءاته نقلاً عن رسالة السنيورة إلى أن الأغلبية البرلمانية أعربت عن تأييدها للمحكمة، وأن رئيــــس الحكومة التــــمس عرض طلبـــه بإنشاء المحكمة الخاصة على مجلس الأمن «على سبـــيل الاستعجال».
كما أشار جريصاتي إلى أن مجلس الامن تخطى السيادة اللبنانية، من خلال:
÷ إن خمسة أعضاء من أصل 15 عضواً في مجلس الأمن لم يصوّتوا على القرار 1757 (الذي أنشأ المحكمة بموجب الفصل السابع)، لا بل اعتبروا أنه لا يجوز تخطي الأمم المتحدة للسيادة اللبنانية، وأن إقرار المحكمة بهذه الصيغة تجاوز السيادة اللبنانية.
÷ إن القرار 1757 ذاته قد اعتبر، عطفاً على الإحاطة التي قدمها نيكولا ميشال المستشار القانوني في الأمم المتحدة، أن إنشاء المحكمة عن طريق العملية الدستورية في لبنان يواجه عقبات حقيقية، ما يؤكد أن إنشاء المحكمة لم يتم وفق الآلية الدستورية المعتمدة في إقرار المعاهدات الدولية.
انتهاك مبدأ السرية
وتسلم رعد الكلام، مشيراً إلى أنه لم تعد خافيةً على أحد، التسريبات الصحافية والتصريحات الرسمية التي تناولت التحقيق الدولي نقلاً عن مصادر فيه، منذ الساعات والأسابيع الأولى للاغتيال:
- «السياسة» الكويتية بتاريخ 21 أيار 2005.
- «لوفيغارو» الفرنسية بتاريخ 19 آب 2006.
- «السياسة» الكويتية بتاريخ 28 آذار 2009.
- «دير شبيغل» الألمانية بتاريخ 23 أيار 2009.
- موقع «إيلاف» بتاريخ 8 تموز 2009.
- «لوموند» الفرنسية بتاريخ 14 شباط 2010.
- CBC الكندية، والعديد من المقالات الأخرى التي تبين أن مضامينها مستقاة من مصادر مطلعة في التحقيق الدولي. وبناءً عليه، أضاف رعد، إن هذه التسريبات لم تحصل بشكل عفوي، وإنما هي متعمدة من قبل أفراد في التحقيق الدولي، والقصد منها هو القدح والذم والافتراء على المقاومة بمعزل عن القرار الاتهامي توقيتاً ومضموناً، وهذا استثمار واضح لحركة قضائية يُفترض بها أن تُحافظ على قرينة البراءة حتى تثبت الإدانة، لا بل هو انتهاك لمبدأ سرية التحقيق الذي هو من أبسط المعايير الدولية للعدالة.
من جهته، أكد جريصاتي أن مبدأ سرية التحقيق هو مبدأ سائد في مختلف قوانين أصول المحاكمات الجزائية، على غرار مبدأ شمولية التحقيق. وقال إن «المادة 53 من قانون أصول المحاكمات الجزائية اللبناني لحظت صراحةً مبدأ سرية التحقيق، فنصّت على أن التحقيق يبقى سرياً حتى إحالة الدعوى على قضاء الحكم، باستثناء ما يتعلق بالقرار الظني الذي هو قرار علني، بحيث يتعرض كل من يُفشي سرية التحقيق للمــــلاحقة أمام القاضي المنفرد الجزائي ويُعاقب بالحبس من شهر الى سنة أو بالغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين. واعتبر جريصاتي أن «من شأن انتهاك مبدأ ســــرية التحقيق عند اعتماد أعلى معايير العدالة الجنائية الدولية أن يُبطل التحقيق، لا سيــــما إذا ما تم استخدامه لغايات سيـــاسية محلية أو إقليمية من شأنها تقويض الســـلم الأهلي أو الإقليمي، وهو ما يتعارض مع مقاصد ميثـــاق الأمم المتحدة».
وبناءً عليه، أوضح جريصاتي أن مبدأ سرية التحقيق منتهك بالنسبة للتحقيق الدولي على عدة مستويات هي:
- المستوى الأول: ألزمت قرارات مجلس الأمن ذات الصلة لجنة التحقيق الدولية المستقلة بنشر تقارير عن تقدم أعمالها، وهذه التقارير بذاتها – مهما بلغ مستوى الاحتياط فيها – تنتهك مبدأ سرية التحقيق، والتقارير الأولى لديتليف ميليس خير شاهد على ذلك.
- المستوى الثاني: إن العديد من الصحف العربية والأجنبية والإعلام المرئي والمواقع الإلكترونية تناول منذ سنوات مسائل التحقيق المختلفة، والتي تبين مع الوقت، من حيث مضمونها واستهدافها أنها مستقاة من مصادر التحقيق، وفي هذا انتهاك واضح لسرية التحقيق.
- المستوى الثالث: قام العديد من المسؤولين اللبنانيين والإقليميين والدوليين وقادة عسكريون في كيان العدو الصهيوني بإلإدلاء بتصاريح عن مضمون القرار الاتهامي المرتقب وموعد صدوره.
- المستوى الرابع: إن تسريب بعض مفاصــل التحقيق تم استخدامه لأغراض سياسية محلية، فأصبح كأنه حلقة من حلقات مشروع سيــاسي كبير.
طلب قواعد البيانات
ويبدأ رعد الحديث عن مسألة طلب مكتب المدعي العام لقواعد بيانات كاملة من العديد من الأجهزة الأمنية والمؤسسات الرسمية اللبنانية تطال من دون مبرر شرائح واسعة من الشعب اللبناني. ومنها على سبيل المثال داتا الاتصالات الخلوية ورسائل SMS، كما يحصل باستمرار على تحديث دوري لها.
وسأل رعد:
أولاً: ما حاجة التحقيق الدولي لداتا كل الشعب اللبناني؟ ولماذا تحديث داتــــا الاتصالات – بأكملها - بشكل دوري منــــذ ما قبل وقوع الجــــريمة (منذ عام 2003) وصولاً الى عام 2010، أي بعد مضي 5 سنـــوات على الجريمة موضـــوع التحقيق؟ ثانـــــياً: إن هذا الأمر هو غاية في الخطورة لخرقه السيادة اللبنانية وتهديده الأمن القومي، خـــاصة أن في المحكمة وفريق المدعي العام على وجه التحديد عاملين من جنــــسيات مختلفة (منها الأميركي والبريطاني والألماني والفرنـــسي والأسترالي والباكستاني والكازاخســــتاني ...)، أي أنه من غـــير المعلوم أين ستصبح هذه البيانات ومـــن سيكون المستفيد الحقيقي منها.
ثالثاً: إنها لمفارقة أن تقوم الحكومة اللبنانية بتقنين مثل هذه الداتا على الأجهزة الأمنية اللبنانية – وهو أمر مطلوب ضمن أطر قانونية – وتُشرّعها بشكل كامل ومن دون أي ضوابط لمصـــلحة جهاز دولي متعدد الجنسيات.
مخالفة قواعد الإجراءات ومذكرة التفاهم
من ناحيته، يؤكد جريصاتي الآتي:
÷ لا يوجد في قواعد الإجراءات والإثبات أو حتى في مختلف مذكرات التفاهم الموقعة مع لبنان ما يُلزم الحكومة اللبنانية بتقديم مثل هذه المعلومات، فكلاهما (القواعد والمذكرة) يتحدث عن التعاون المعلوماتي في القضايا التي لها صلة بتفويض المحكمة، والمقيدة بحسب المادة 1 من النظام الأساسي «بالأشخاص المسؤولين عن الهجوم الذي وقع في 14 شباط 2005» والهجمات المتلازمة بين 1 تشرين الأول 2004 و12 كانون الأول 2005.
÷ نصت القاعدة 16 من قواعد الإجراءات والإثبات على التالي: إذا تبين للمدعي العام أن اعتداءً يُمكن أن يقع ضمن اختصاص المحكمة بموجب المادة 1 من النظام الأساسي هو رهن التحقيق أو الملاحقة الجنائية أمام المحاكم اللبنانية، فله أن يطلب من السلطات اللبنانية المعنية تزويده بكل المعلومات بهذا الخصوص.
÷ كذلك ورد في مذكرة التفاهم الموقّعة بين مكتب المدعي العام بيلمار ووزير العدل في حزيران 2009 ما يلي: تضمن الحكومة اللبنانية بأن يكون مكتب النائب العام في المحكمة الخاصة حراً من أي تدخلات خلال قيامه بتحقيقاته في لبنان وأن يتم تقديم كل المساعدة الضرورية له من أجل تحقيق تفويضه، وذلك يشمل تقديم كل الوثائق والإفادات والمعلومات المادية والأدلة التي هي بحوزة الأجهزة والإدارات والمؤسسات اللبنانية، في القضايا التي لها صلة بتفويض المحكمة الخاصة بأسرع وقت ممكن، وجمع أي معلومات وأدلة إضافية، حسية وتوثيقية.

انتهاك مبدأ السيادة الوطنية
÷ إن تسليم كامل معطيات داتا الاتصالات ومعــــلومات خاصـــة شخصية ومعلومات خاصة متعلقة بفئات واسعة من الشعب اللبنــــاني من شأنه أن يُشرّع خصوصيات شعب بأكمله بحجة جريمة سياسـية فردية.
÷ إن تلك الخصوصيات والحرمات هي من الحريات العامة المصونة في مقدمة الدستور ومتنه، وهذا انتهاك فاضح لأبسط قواعد السيادة الوطنية حيث يُكشف شعب بأكمله على جهات غير منضبطة تحت سلطة الدولة اللبنانية.
÷ إن في هذا التصرف أيضاً انتهاكاً للقوانين التي أحال إليها الدستور لتنظيم ما يسمى بـ»الحقوق الأساسية“ و»الحريات العامة”، لا سيّما قانون اعتراض المخابرات حيث يتم استئذان السلطات المختصّة باعتراض مخابرات محدّدة في معرض تحقيق قضائي, بقرار قضائي معلّل ومحدّد الموضوع أو الشخص المطلوب التنصت على أقواله. بمعنى أن لا استنابة مفتوحة في هذا المجال على الإطلاق, ذلك أن القانون بحد ذاته استثناء على المبادئ الدستورية العامة (الحقوق الأساسية والحريات العامة) وإن كل استثناء بطبيعته يفسّر حصراً ولا يجوز التوسّع فيه.
÷ ومن غير الخافي أن انكشاف البلد بدأ منذ موافقة الحكومة اللبنانية على انطلاق بعثة تقصي الحقائق في شباط 2005 إذ سمحت رسمياً للمحققين التابعين لبيتر فيتزجيرالد ومن ثم الى لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشخص كل من ديتليف ميليس وسيرج براميرتز ودانيال بيلمار التحرك في لبنان والإطلاع على وثائق ومستندات بطريقة لا يمكن أن تسمح بها أي دولة مستقلة تتمسك بسيادتها الوطنية.
÷ والأخطر أن بعثة تقصي الحقائق أعلنت عجز الأجهزة الأمنية والقضائية في لبنان عن التحقيق الجدي، فتحولت الخبرة الأمنية الدولية المادية الى اتهام سياسي لدولة ذات سيادة.
÷ كذلك فإن جميع الدول التي طُلب منها توقيع اتفاقيات تعاون مع المحكمة رفضت ذلك حفاظاً على سيادتها الوطنية، ولا غرابة في ذلك إذ أن الأمر يتجاوز الحفاظ على السيادة الى الخوف من المساءلة بدليل أن دولاً كالولايات المتحدة وإسرائيل والتي تُظهر حماساً لافتاً ونافراً للمحكمة الخاصة بلبنان لم توافق على محاكم جنائية دولية تمأسست بمعاهدات دولية (معاهدة روما)، فذهبت جرائم غوانتانامو والعراق وأفغانستان وسواها بجريرة مجازر إسرائيل في لبنان وفلسطين، وعُلّقت صلاحية المحكمة الجنائية الدولية للنظر فيها، والكل يعرف مصير قضية مجزرة صبرا وشاتيلا لدى القضاء البلجيكي الذي كان يعاقب على الجرائم ضد الإنسانية، فتم تعديله لتفادي المُساءلة.
اعتماد الأدلة الظرفية
في القسم السادس تحدث رعد عن اعتماد الأدلة الظرفية بدون وجود شهود الزور، فقال: إن المحكمة الخاصة بلبنان تتجه الى اعتماد الأدلة الظرفية بدلاً من الأدلة القطعية كون الأدلة القطعية – بحسب رئيس المحكمة انطونيو كاسيزي- غير متوافرة في القضايا الإرهابية لصعوبة الحصول عليها، كما أكد المدعي العام دانيال بيلمار سلوك هذا المسار أيضاً، الأمر الذي يجعل لبنان، البلد الذي لم ينعم بالاستقرار الداخلي منذ عام 2005، مسرحاً للتجارب والاجتهادات والبدع القانونية والقضائية.
÷ وقدم جريصاتي عرضاً موجزاً عن الموضوع أوضح فيه أن الأدلة الظرفية هي معلومات وشهادات يُقدمها طرف في دعوى مدنية أو جزائية تسمح بالتوصل لاستنتاجات تُثبت وجود أو عدم وجود واقعة أو حدث ما. وقال إنها تُعرف أيضاً بالأدلة غير المباشرة، وتتعلق باستخدام سلسلة من الوقائع لإثبات واقع معين، على خلاف الأدلة المباشرة التي تثبت وجود واقع معين من دون أي استنتاج أو افتراض.
÷ أما الأدلة المباشرة فهي التي تؤكد صحة أمر ما بشكل مباشر ومن دون توسط شيء آخر، أي هو الدليل الذي يقف بنفسه لإثبات إدّعاء معين.
وفصل الحديث عن مقاربتي كاسيزي وبيلمار للأدلة الظرفية وقال:
- بتاريخ 30 آب 2010 نظّر المدعي العام دانيال بيلمار في مقابلته مع موقع “ناو ليبانون” للأدلة الظرفية فقال إنها “عبارة عن وقائع صغيرة، عندما يُنظر إليها كل واقعة على حدة، لا تعني شيئاً، لكن عندما يُنظر إليها معاً، تصبح الصورة الكاملة غير قابلة للتشكيك”. كما أنه عرض مثالاً لتوضيح ذلك فقال: “تريد أن تثبت أن الأمطار هطلت اليوم، فتثبت أن الرصيف مبلل، وتثبت أنه لا أحد نظف الطريق الخ. هذه الحقائق وحدها لا تعني شيئاً، لكن إذا جُمعت يمكن التوصل الى خلاصة أن الأمطار هطلت بالفعل، هذا ما أعنيه بالأدلة الظرفية”.
- إن هذا العرض يؤكد منهجية الإثبات بإعلان فرضية باتجاه واحد، أي أنه افترض هطول الأمطار وذهب ليبحث عن شيء يُثبتها، وهذه هي تماماً المنهجية التي اعتمدها التحقيق الدولي في قضية اغتيال الرئيس الحريري وغيرها من القضايا باتجاه واحد.
- يُشار الى أن بيلمار نفسه كان سبق واعتبر (في بيان سابق لمكتبه بتاريخ 24 آب 2010 ) أن ما وصله من حزب الله من قرائن ومعطيات ومؤشرات عن احتمال تورط إسرائيل في اغتيال الحريري منقوص.
- إلا أنه في حال طبقنا تحفيزه وتحفيز كاسيزي للأدلة الظرفية لتوصلنا إلى النتيجة التالية: تريد أن تثبت أن إسرائيل قتلت الرئيس الحريري، فتثبت أن طائرة أيواكس كانت في المكان وقـــت وقوع الانفجــار، وتثبت أن عملاء إســـرائيل راقبوا المكان. هـــذه الحقـائق منفردة لا تعني شــيئاً
ولكن إذا ما جُمعت يمكن التـــوصل الى نتيـــجة مفادها أن إسرائيل قتلت الرئيس الحريري بالفعـــل.
- لذلك لو سلمنا جدلاً بسلامة اللجوء الى الأدلة الظرفية، فإن التحقيق الدولي قد استخدمها بانتقائية واضحة تجاوز فيها مجدداً أبسط معايير العدالة الجنائية الدولية.
الأدلة الظرفية التي يمكن الركون إليها
وعدد جريصاتي الأدلة الظرفية التي يمكن الركون إليها في معرض تحقيق جنائي، مشيراً إلى أنه:
- انطلاقاً من أن قانون أصول المحاكمات الجزائية لم يتطرق الى مسألة القرائن والأدلة الظرفية, يتوجب تطبيق أصول المحاكمات المدنية فـــي هذا المجال عملاً بالمادة 6 منه التي تنص على اتــــباع القواعـــد العامة في قانون أصول المحاكمات المدنية إذا وجد نقص في القوانين والقواعد الإجرائية الأخرى.
- قانون أصول المحاكمات المـــدنية يـــورد التالي:
 المادة 299 أـ م.م. تنص على أن: “القرائن هي نتائج تُستخلص, بحكم القانون وتقدير القاضي, من واقعة معروفة للاستدلال على واقعة غير معروفة”.
 المادة 300 أ ـ م.م. تنص على أن: “القرائن نوعان: قرائن قانونية وقرائن قضائية”.
 المادة 302 أـ م.م. تنص على أن: “القرينة القضائية هي التي لم ينص عليها القانون, ويستنبطها القاضي من ظروف ووقائع الدعوى بما له من سلطة التقدير”.
- يتبين من هذه النصوص على ما يشرحه أصحاب الرأي القانوني السليم أن القرينة القضائية هي أمر يستنبطه القاضي من وقائع ثابتة لديه, أي أنها استنتاج لا يكون عن طريق الاطلاع أو المعاينة أو أي طريق آخر من طرق الإثبات المباشرة, فتُعد بالتالي دليلاً غير مباشر يستلزم أولاً ثبوت بعض الوقائع قضاءً (وهي ما يسمى أمارات Indices ) باعتبار أن ثبوتها لا يسعى إليه بذاته بل لأجل الاستدلال به على سواه.

- وهكذا تبدو القرينة القضائية مرتكزة على الاستنتاج الفكري الذي يقوم به القاضي, أي على اقتناعه الذاتي, بحيث تعد من صنع هذا القاضي بالذات, طالما أن قوتها في الإثبات تعود الى سلطة تقديره المطلق.
- لذلك تُعتبر هذه القرائن التي قد يُخطئ بشأنها القاضي ولا يصيب, في مرتبة متدنية (بين طرق الإثبات) عن مرتبة الكتابة والإقرار واليمين، وقد أنزلها المشترع منزلة شهادة الشــهود أي البينة الشخصية.
÷ فإذا كانت شهادة الشهود عُرضة للخطأ أو للزور، فالقرائن أيضاً كذلك, من حيث أنها أدلة غير مباشرة وقائمة على جهد فكري من القـــاضي, هي أيضاً عرضة للخطأ والهزل من جراء اختـــلاق الوقائـــع الظاهرة التي يستـــند إلــــيها استنباط القاضـــي, أو بسبب عدم فلاح القاضي في استنباطه هذا.
÷ وعليه إذا كانت الواقعة، التي يستنبط منها القاضي القرينة, غير ثابتة يقيناً بل مجرد واقعة محتملة فإنها لا تـــصلح مصدراً لمثل هذا الاستنباط.
القيمة الثبوتية لدليل الاتصالات
÷ وفي النقطة الاخيرة من المؤتمر، قال النائب محمد رعد إن «الكثير من التسريبات تحدثت عن أن «التحـــقيق الدولي اعــــتمد على دليل الاتصالات والروابط الهاتفية المتعلقة بتزامنات في المكان بين هواتـــف مشتبهة بارتكاب الاعتداء وهواتف أخرى تعود لأفراد محددين.
وأوضح أن بعض الأوساط الدولية أكدت هذا الأمر لا بل أضافت عليه أن دليل الاتصالات هو عمدة الاتهام المرتقب للمدعي العام حيث لا يوجد لديه شهود مباشرون.
وأشار إلى أن هذا يُفسر إصرار أقطاب المحكمة على التنظير للأدلة الظرفية التي يُعتبر دليل الاتصالات إحداها.
أما جريصاتي فأوضح أن:
÷ الأدلة الظرفية – كما أسلفنا - تقع في أدنى مراتب الإثبات ذلك أنها عُرضة للخطأ أو الزور, وهي لا تصلح دليلا ثبوتياً قاطعاً, ويمكن دحضها بجميع وسائل الإثبات.
÷ لا يمكن على الإطلاق الركون الى مثل هذه الأدلة الظرفية عند اعتماد أعلى معــــايير العدالة الدوليـــة الجنائية، حتى في مرحلـــة التحقيق الجنائي.
÷ لقد جرى الحديث مؤخراً عن دليل الاتصالات الهاتفية ونية المدعي العام الاستناد اليه في بناءً قراره الاتهامي، وهذا ما ألمح إليه أيضاً دانيال بيلمار نفسه في مقابلته الأخيرة مع موقع “ناو ليبانون” بتاريخ 30 آب 2010، حيث أجاب رداً على سؤال عن مدى اعتباره الاتصالات الهاتفية دليلاً حاسماً، فقال: «حسناً، أنا اعتبر الدليل الظرفي حاسماً»، وفي هذا تلميح واضح لصحة ما يتم تناقله من أحاديث في هذا السياق.
- لذلك وتفادياً لأي تضليل للرأي العام حول متانة هذا الدليل لا بد من توضيح التالي:
÷ إن دليل الاتصالات هـــو دليل ظــــرفي بامتياز، وقد أثبت الخبراء في مجال الاتصالات وجود عدد من الطرق التي تتيح التلاعب في الداتا واخــتلاق وفبركة اتصالات وهمية ومن أماكن جغرافية مختلفة.
÷ وعليه فإن دليل الاتصالات، الذي بات واضحاً أن فريق المدعي العام قد بنى تحقيقه وربما اتهامه عليه، هو دليل غير صالح من الناحية القانونية انطلاقاً من أن عدم الثبوت اليقيني للواقعة التي يستنبط منها القاضي القرينة يعني عدم صلاحيتها كمصدر للاستنباط.
وختم النائب محمد رعد المؤتمر بالتأكيد أنه «إذا كانت المحاكم الجنائية الدولية التي تنظر في جرائم ارتكبت بحق الإنسانية غير عصية على التسييس، بإقرار من رؤساء هذه المحاكم والمدعين العامين لديها وقضاتها، ومنهم أنطونيو كاسيزي عندما كان رئيساً لمحكمة أراضي يوغوسلافيا السابقة، وإذا كان القانون الجنائي الدولي لا يزال في بداياته المتعثرة لا سيما في ضوء امتناع بعض الدول الوازنة من المساهمة في إنشاء أو تعزيز المحاكم الجنائية الدولية الدائمة، وفي ضوء الانتقائية التي تسود عمل هذه المحاكم، كيف لنا أن نأتمن محكمة خاصة على الشكل والمضمون الموصوفين في هذا المؤتمر، وهي محكمة تنفرد بخصائص فيها كل عناصر الاستنسابية والتسييس على ما تم إثباته، بدءاً من نشأتها، مروراً بعملها وانتهاءً بإجراءات التحقيق والمحاكمة لديها.
وأشار إلى أن «محكمة مُسيّسة لا تلتزم بأعلى معايير العدالة، تجاوزت منذ نشأتها الدستور اللبناني وصاغت قرار إنشائها مصالحُ دولية تخطت إرادة ومصالح اللبنانيين ومؤسساتهم الشرعية القائمة، وتنصّلت من صلاحيتها في ملاحقة شهود الزور وانتهكت تحقيقاتها مبدأ السرية، وأُنيط بها تغيير قواعد الإجراءات والإثبات بشكل مريب واستنسابي، وتجاوزت حدود اختصاصها في طلب قواعد البيانات وتحديثها مما كشف شعباً بكامله على جهات استخبارية ودولية شتى، وأعلنت اعتمادها على أدلة ظرفية قاصرة وغير ذات قيمة ثبوتية، هي في النهاية محكمة لا يُنتظر منها إحقاقُ حق ولا إقامةُ عدل، بل لن يفاجئنا أن تكــــون قوس عبور لوصايات دولية على لبنان وعلى أمنه واستقراره وسيادته».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.