لا أعتقد أن هناك شخصًا في كامل قواه العقلية يتصور أو يتخيل فضلاً عن أن يطلب أن تحارب مصر إسرائيل، ولهذا أستغرب جدًا وأندهش للغاية من قيادات الحزب الوطني الفخيمة حين تصرح بكل إباء وشمم بأن مصر لن تحارب إسرائيل؟وأسأل نفسي دومًا: علي من يجيب هؤلاء ويردون علي مين بالضبط؟ يا نهار إسود ومنيل، وهل فيه واحد عايز لمصر أن تعملها وتحارب؟ ليه اتهبل ولا اتخبل!
لكن من قال إن معني اتخاذ مصر موقفًا محترمًا وقويًا للتصدي لسفالات إسرائيل وانتهاكها لكل القيم يعني إعلان حرب؟ هذا هراء ذهني يمارسه البعض محاولاً غسيل دماغ الناس حين يوهمهم بأنه متي تصدت مصر لإسرائيل فهذا يؤدي للحرب معها، وكأنه مطلوب من مصر أن تخرس وتصمت ولا تتخذ إجراء ولا تعلن موقفًا ولا تتقدم خطوة ولا تمارس دورًا في مواجهة إسرائيل وإلا كانت الحرب ومصائبها السوداء علي دماغ المصريين، ومن ثم علينا أن ننزل تحت الترابيزة أو نضع رءوسنا في الطين عندما تهدم إسرائيل المسجد الأقصي أو تعتدي علي غزة، ونمارس الدور الوحيد المسموح به وهو حصار الشعب الفلسطيني وتمثيل دور الوسيط بين الطرفين كأننا سمسار أو في أحسن الأحوال مأذون يوفق رأسين في الحلال (وياريته حلال!!).
مصر لا تريد أن تحارب إسرائيل ولا أحد يطالبها بذلك أبدًا، لا القريب ولا الغريب ولا نطق أي واحد من حماس أو حزب الله أو من القوميين العرب أو من المعارضة بكلمة تنم أو تشم منها رائحة دعوة مصر للحرب مع إسرائيل فما يقدر علي القدرة إلا ربنا، ومصر لا تقدر علي الحرب فهي مشغولة بحرب أخري وهي حربها من أجل التنمية، لكن بذمتك ودينك كيف يحارب من أجل التنمية أو لأجل غيرها شعب يزيد عدد المصابين بمرض السرطان فيه علي مائة ألف مواطن سنويًا؟ شعب أكثر من أربعين في المائة من مواطنيه تحت خط الفقر؟ قرابة 12مليونًا من رجاله عندهم فيروس سي، ويعانون فشلاً كلويًا، مصر التي يعاني فيها ثلاثة وثلاثون في المائة من أطفال الريف قصر القامة، واثنان وخمسون في المائة من تلاميذ المرحلة الابتدائية عندهم أنيميا، كيف يخوض شعب يعيش علي الأكل من خضار مروي بمياه الصرف الصحي، ويشم هواء ملوثًا ويشرب مياهًا ملوثة أي حرب من أي نوع تنمية ولا غيرها؟ هل تعتقد أن وطنًا يعاني ربع سكانه مرض ضغط الدم؟ وعشرة في المائة منه مريض بالسكر، وتسعة وعشرون في المائة من أطفاله يعانون فقر الدم، ويصرف سنويًا قرابة اثنين وعشرين مليار جنيه علي البانجو والحشيش قادر علي أن يحارب؟
إسرائيل هي العدو الوحيد للشعب المصري وللعرب جميعًا، وإسرائيل كيان مغتصب للأرض، كما أنها دولة دينية عنصرية وعسكرية، وبهذا فلست ضدها لأنها تحتل فلسطين بل كنت سأكون ضدها لو كانت تحتل أوغندا أو نيكاراجوا مثلا، ومع ذلك فلا يطاوعني ضميري أن أسمع من يدعو مصر بقيادة جمال مبارك وأحمد عز وأحمد نظيف إلي إعلان حرب ضد إسرائيل، فقد يحارب المستبدون فينتصرون لكن مستحيل أن يحارب الفاسدون فينتصرون، ومن سابع المستحيلات أن يحرر شعب معتل مترًا من وطن محتل!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.