29‏/06‏/2010

توازن الرعب - ابراهيم عيسي

لا توجد دولة عربية تدفع إسرائيل للخوف وللتوجس وللتحسب وللحذر منها!

لا تعمل تل أبيب حساباً لأي حكم أو حكومة عربية!

لا نسمع ولا نري ولا نقرأ من إسرائيل أو عن إسرائيل أي شعور بالانزعاج من أي دولة عربية، حتي سوريا التي لم توقع معها معاهدة سلام فإسرائيل بشكل ما تأمن تماماً انضباط دمشق والتزامها الصمت، حتي وتل أبيب ترسل طائراتها تخرق الأجواء السورية وتضرب في مواقع بالقرب من القصر الرئاسي في العاصمة السورية!

حتي إيران، إسرائيل تعرف أنها بعيدة وأن الحرب معها بمثابة حرب عالمية ثالثة، ومن ثم فهي تعرف أن التهديد والوعيد من بعيد هما حدود المواجهة المحتملة أو المجابهة الممكنة!

إسرائيل لا تخاف إلا من جهة واحدة، ومن شخص واحد.

تخشي وتخاف بل تقلق من حزب الله، ومن السيد حسن نصرالله .

السلام الحقيقي يأتي من توازن الرعب، من خوف العدو من قوتك وقدرتك علي الرد والردع وإلحاق الأذي به .

ولم يحدث أن انضربت الجبهة الداخلية في إسرائيل ولم يدخل المواطن الإسرائيلي الخنادق ولم تهبط مئات الصواريخ علي شوارع ومدن العدو كما فعلها حزب الله في حرب يوليو 2006، التي اعتبرها الإسرائيليون هزيمة منكرة لهم في كل مذكراتهم ولجان تحقيقاتهم عن المعركة (طبعاً يتمسك الصهاينة العرب بأن حزب الله لم ينتصر !).

لقد تمكن حزب الله من نقل المعركة مع إسرائيل إلي داخل حدودها، ومنذ أيام تقوم إسرائيل بأول وأوسع مناورة عسكرية يتدرب فيها الشعب اليهودي كله علي النزول للخنادق والتصرف في لحظات ضرب مدن إسرائيلية بالصواريخ والمدافع!

هذا كله بسبب حزب الله ...وحده.

القلق والتوتر والخوف ومن ثم التحسب والتدبر والتحوط الإسرائيلي بسبب حسن نصرالله وقدرات هذه المنظمة التي تشكل وحدها الآن التهديد الوحيد لإسرائيل، التهديد الماثل والمحتمل والداهم!

وسواء كنت تحب حزب الله أو تكرهه، وسواء صدقت ماكينة الدعاية العربية الإسرائيلية ضد حزب الله، فإنه صمام أمان العرب في مواجهة عدوهم.

لا حكومات السلام ولا دول المهادنة ولا حكام الصداقة والتحالف مع الإسرائيليين.. بل وحدهم المقاومون.

حزب الله وليست حماس، فهي حركة مقاومة تخلت تقريباً عن المقاومة لصالح حكم مشلول ومعطل لقطاع عاجز ومحاصر وانغمست بسذاجة أو بمثالية، بقلة وعي أو قلة حيلة في فخ التنافس مع الفسدة والمستبدين في السلطة الفلسطينية والحكومات العربية!

حين يقول حسن نصرالله في خطابه الأخير إن (تطور التكنولوجيا يجعل كل مدينة وبلدة ومستعمرة ومنشأة داخل الكيان الصهيوني مهددة وهذا ما لايطيقه الإسرائيليون.. بعد 2006 نحن لدينا جبهة داخلية وهم لديهم، واليوم مرحلة جديدة نُقصَف ونَقصِف ونُقتَل ونَقْتُل ونُهجَّر ونُهجِّر هذه نقطة ضعفهم الاستراتيجية اليوم).

فهذا يشير بقوة إلي توازن الرعب الذي لا سبيل غيره لإجبار إسرائيل علي سلام عادل لو أراد فعلا الحكام العرب أن يعقدوا اتفاقاً حقيقياً وكريماً وليس اتفاقاً مذلاً ومهيناً ومنسحقاً كما يفعلون دوما، بدلاً من صب اللعنات علي حزب الله استفيدوا من قوته في مواجهة إسرائيل، بدلاً من محاولة ضرب حزب الله وتشويهه استفيدوا منه في انتزاع تنازلات من إسرائيل.

علي الحكام العرب أن يستفيدوا من حزب الله.. أو يحلوا عنه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.